إنّ المتأمّل بروية في متضمّنات البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي يتضح له جليا انصهار كامل عناصره في منظومة حقوق الإنسان عامة من منظار تنموي شامل وهي مقاربة نموذجية وريادية ذات أبعاد حضارية وإنسانية متضامنة ذلك أنّ مفهوم التنمية في فكر الرئيس بن علي يرتكز أساسا على إنسانية الفرد باعتباره الأداة والمنطلق إذ لا يمكن الحديث عن تنمية شاملة دون تفعيل لمنظومة حقوق الإنسان والانتصار لها وهو ما أكّده سيادته في خطابه بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب 20 و21 مارس 2010: «إنّ مقاربة تونس لحقوق الإنسان كانت دوما مقاربة شاملة قوامها التكامل بين مختلف أصناف تلك الحقوق وأجيالها والتلازم بينها واحترام كونيتها والانتصار لها».
ولقد تجاوز الاهتمام في تونس التغيير بحقوق الإنسان من مجرّد شعارات إلى مكاسب ونجاحات مخطط لها مسبقا ذلك أنّ الارتقاء بحقوق الإنسان والمواطن لم يعد يمثّل عملا ظرفيا بقدر ما هو جهد متواصل وعمل يومي تجسم من خلال الجهود المبذولة منذ 07 نوفمبر 1987، فأصبحت مسألة حقوق الإنسان في حركية وتدرّج دائمين يصعب أن تتحقّق فيها كلّ الطموحات والمناشد دفعة واحدة وهذا شأن تاريخ تطور مسألة حقوق الإنسان حتى على مستوى المجتمع الدولي حيث كلّل المجهود الدّولي بادئ الأمر بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليتواصل في ما بعد من خلال العهود والمواثيق اللاحقة له.
ممّا يؤكّد أنّ مسألة حقوق الإنسان في فكر الرئيس بن علي وقع حمايتها والالتزام بها منذ الأيام الأولى للتغيير نصا وتطبيقا، حيث وقع تكريس الإعلان الرئيسي لحقوق الإنسان والحريات العامة في أعلى هرم النصوص القانونية في الفصل الخامس من الدستور ووقع تجسيمها من خلال القرار الحكيم المتمثّل في اختيار التربية مدخلا لنشر الثقافة الحقوقية وترسيخها وهو بمثابة استراتيجية ناجعة لتحقيق هذا الالتزام فوقع اعتماد مفاهيم الثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان في المناهج التعليمية بصورة تطبيقية، نظرا لما يمكن أن تقوم به التربية والتعليم من دور ايجابي في التوعية بحقوق الإنسان سلوكا وممارسة، وهو ما من شأنه خلق مناخ من الوئام الاجتماعي صلب المجتمع التونسي، وذلك ما أكّده رئيس الجمهورية في يوم العلم بتاريخ 17-07-1996 إذ يقول: «وما كانت حقوق الإنسان في مقدمة قيمنا الحضارية والأخلاقية وخياراتنا السياسية والتربوية عملنا على نشر ثقافتها والتبصير بأهميتها بالتدرج الذي تقتضيه الطرق البيداغوجية في كلّ مرحلة من مراحل التعليم...»
كما نجحت تونس بن علي في تحقيق التنمية الشاملة بإرساء مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي يتميّز بالاستقرار وأضحى محل إكبار وتقدير من عديد المنتديات الإقليمية والعالمية إقرارا منها بعقلانية التجربة التونسية في مجال التنمية الشاملة عامة وحقوق الإنسان خاصة وهو ما يترجم حرص الرئيس بن علي على أولوية البعد الإنساني في تنفيذ مشروعه التنموي الحضاري، إيمانا منه أن احترام الدّولة لحقوق الأفراد هو احترام لذاتها، وهو ما تجسم في اعتماد المنظمة الأممية لعديد المبادرات التي تقدّم بها سيادة الرئيس والمتعلقة بحماية حقوق الإنسان وبالتضامن الاجتماعي.
وهو ما أقرّه معهد كينيدي للحوكمة التابع لجامعة هارفارد الأميريكية من أن تونس الأولى في شمال إفريقيا في مجالات التنمية البشرية والثقافية ودولة القانون والمشاركة وحقوق الإنسان والاستقرار الاقتصادي، إضافة إلى التقرير الأخير لمنتدى دافوس الاقتصادي الذي صنّف تونس ضمن دول العالم الأفضل من حيث التنافسية الاقتصادية رغم الظرف الاقتصادي العالمي الصعب وذلك بفضل مسيرة الرقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتواصلة منذ التغيير من ناحية أخرى إقرار لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة بأنّ تونس تعدّ متطورة في حماية حقوق الإنسان وكذلك المجلس الأممي لحقوق الإنسان الذي لم يشهد أي تحفظ بشأن تونس، كما نوّهت مجلة الصياد اللبنانية في عددها بتاريخ أكتوبر 2009 بالتزام الرئيس بن علي في مجال حقوق الإنسان.
وبما أنّ عبارة حقوق الإنسان أصبحت محور كلّ حديث ولا يكاد يخلو منها منبر، وقع استغلالها استغلالا سيئا من بعض الأفراد للدفاع عن مصالح ضيقة وشخصية تعكس سطحيّة رؤاهم الحاضرة والمستقبلة، فانتهجوا هذا الأسلوب الذي أصبح مفضوحا للجميع كرمز لنضال وهمي يتعمدون من خلاله الإساءة لبلدانهم ولرموزها الوطنية ومصدرا للارتزاق خدمة لأغراض دنيئة لا تمتّ لحقوق الإنسان مجرد الصلة، اعتقادا منهم بأنّهم يتمتّعون بحق الاعتداء على أبناء تونس سواء كانوا أفرادا أو مجموعات أو رموزا وطنية وهو ما يعدّ خرقا لمبدإ المساواة بين الجميع الذي أقرته المادتان 1 و2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علما أنّ من أهمّ مقوّمات الدفاع عن حقوق الإنسان مصداقية وحياد المدافعين عنها سواء كانوا منظمات أو أشخاص فالحقوق والحريات التي يتمتّع بها الأفراد ليست مطلقة وإنّما تحتكم إلى القانون مراعية في ذلك حقوق الغير إذ أنّ حرية الفرد تنتهي عندما تبتدئ حرية الآخرين لأنّ الأمر يتعلّق بضوابط تحكم المجتمع حتى تقيه الانحلال والتشتت، وهو ما شدّد عليه الرئيس بن علي لأبناء تونس في أكثر من مناسبة من أن تونس لا تأخذ دروسا من أحد في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والتحلي بمزيد اليقظة لتفادي السقوط في فخ الإشاعات المغرضة وضرورة تنمية الوعي الفردي والجماعي بمكاسب البلاد ونجاحاتها ونشر ثقافة التطوع والاجتهاد في خدمة الصالح العام وإذكاء الإحساس بالمواطنة لدى التونسي والمحافظة على الثوابت الوطنية.
كما أنّه ورغم تسارع نسق التغيرات العالمية نجحت تونس بفضل الرؤية المتبصّرة للرئيس زين العابدين بن علي في بلورة نموذج تنموي ظلّ البعد الإنساني أهمّ ثوابته مستعينا في ذلك بآليات ناجعة في التنفيذ والمتابعة والتقييم وهو ما تغافل عنه أصحاب النظرة السوداوية غير مكترثين لغايات في أنفسهم، بالاعتراف بالتقدّم المطّرد والمكاسب التي شهدتها وتشهدها منظومة حقوق الإنسان في تونس من خلال الإنجازات المتلاحقة المتعلّقة بالإنسان وبالمجالات المتّصلة به كالصحة والتعليم والتكوين المهني والتشغيل والبيئة وفي المشاركة في الحياة العامة والجهود المبذولة نحو الديمقراطية حيث أنّهم ينظرون دائما إلى الشطر الفارغ من الكأس ولا ينظرون إلى الشطر الممتلئ ، دون الوعي بأنّ الديمقراطية وحقوق الإنسان لا تستقرّ في وضع محدد وهي في حركية دائمة لها خصوصياتها التي تأخذها من كلّ مجتمع في تركيبته الاجتماعية وبنيته الاقتصادية وتوازناته ولعلّ البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس بن علي 2009-2014 أسطع شاهد على المكانة المرموقة التي يحتلها الإنسان في تونس.
إنّ ما تحقّق في تونس في ظلّ قيادة الرئيس زين العابدين بن علي ليس إلاّ خطوات هامة وجريئة في سبيل تحقيق التنمية الشاملة وخصوصا في ميدان حقوق الإنسان والحريات العامة من خلال ترسيخ متواصل لهذه الحقوق ولقيم التضامن لتتواصل ملحمة الإنجازات والمكاسب دون كلل أو توقّف في كافة الميادين بفضل إرادة سياسية حازمة وصادقة للارتقاء بتونس إلى مصاف الدول المتقدمة.