mardi 20 juillet 2010

السيّدة ليلى بن علي: "ليس أنجع من تعليم المرأة أداة لتحريرها"


"كلّما اتّسعت دائرة المتعلّمات تيسّر للعرب رهان النّهوض الحضاري
أكّدت السيدة ليلى بن علي حرم الرئيس زين العابدين بن علي رئيسة منظمة المرأة العربية أنه لما كانت التنمية هي أساسا تمكين الإنسان من فرص تطوير ذاته وواقعه وكان إحداث التحولات النوعية في المجتمع يبدأ من التربية والتعليم على اساس ان التعلم هو حجر الزاوية في التنمية البشرية المستدامة فإن حصول الذكور والاناث على فرص تعليمية متكافئة حق كان ولايزال على البلدان العربية واجب تأمينه من دون تمييز.
وأوضحت السيدة ليلى بن علي في افتتاحية بقلمها تصدرت العدد الخامس من مجلة «صوت المرأة العربية من تونس» أن من أهم شروط تحقيق التنمية الشاملة تساوي حظوظ الفتيان والفتيات في حقهم في التعليم واكتساب المعرفة وهو ما يعني إيلاء تعليم المرأة العربية عناية خاصة تمكنها من تعزيز ممارسة حقوقها وتحمل مسؤولياتها وإذكاء الروح المبدعة الخلاقة فيها وادماجها في عملية التنمية الشاملة بتوفير الأدوات والوسائط اللازمة.
ولاحظت في هذه الافتتاحية، التي جاءت تحت عنوان «تعليم المرأة حجر الأساس لتنمية بشرية مستدامة»، ان أمية المرأة تحول دونها والمساهمة الفاعلة في تنمية مجتمعها كما أنها تشكل عائقا أمام التقدم الاجتماعي والاقتصادي، فكلما اتسعت دائرة المتعلمات في الواقع العربي انعكس ذلك على زيادة نسبة مشاركة المرأة في عملية التنمية وتيسر للعرب كسب رهان النهوض الحضاري.
وأضافت رئيسة منظمة المرأة العربية أن البلدان المتطلعة الى مزيد الرقي والتقدم والمناعة تجد في العلم والمعرفة طريقها الأمثل، مبينة ان البلدان العربية لم تكن بمنأى عن رهان جميع بلدان العالم النامي على التربية والتعليم من أجل جسر الهوة الحضارية التي تفصلها عن البلدان المتقدمة، وذكرت بأن تعميم التعليم والمطالبة بإلزاميته كان مطلب حركات الإصلاح في جميع البلاد العربية وتحول بعد الاستقلال الى أولوية من أولويات مخططاتها التنموية والى هدف سعت الى تحقيقه وذلك باتاحة الفرص امام الجميع للتحصيل والتعلم تنمية لمواردها البشرية وتخلصا من مظاهر التخلف التي كانت تكبل طاقة الخلق والابداع والابتكار لديها.
وشدّدت على ان نجاح مخططات التنمية وتأمين استدامتها وتعزيز قدرات المجتمعات العربية على مواجهة التحديات الماثلة وتلك المتوقعة يستدعي موارد بشرية مالكة لمعارف ومهارات متطورة، مبرزة الأهمية الكبرى لتعليم المرأة في تمكينها من ممارسة مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية بكفاءة عالية واقتدار.
وأضافت أنه من منطلق ان حقوق المرأة هي من حقوق الإنسان فإن حقها في اكتساب العلم والمعرفة والتحرر من الجهل والأمية لايقل قيمة عن سائر تلك الحقوق ان لم يكن في صدارتها وأن استمرار التمييز على أساس النوع في التعليم وغياب العدالة والمساواة في توفير فرص التعليم والتكوين يتنافيان ويتعارضان مع متطلبات التنمية ويشكلان انتقاصا من حقوق الإنسان.
وقالت في هذا المضمار إنه «لا تنمية إذا لم تكن المرأة شريكا فاعلا فيها وليس أنجع من تعليمها أداة لتحريرها اجتماعيا ودمجها في مسيرة نمو مجتمعها ورقيه الحضاري»، مؤكدة أنه «لا سبيل لكسب رهانات العصر ومعارك المصير والانعتاق من براثن التخلف الحضاري بغير سلاح العلم والمعرفة وغرس روح التفوق والتميز لدى أبنائنا وبناتنا على حد السواء».
كما أعربت السيّدة ليلى بن علي عن اليقين بأن للمنظومة التربوية دورها في ترسيخ مجتمع المساواة وبناء الشخصية المتوازنة مجتمع تنتفي فيه كل مظاهر التمييز ضد المرأة، ذلك أن وظيفة المدرسة الأساسية تظل تحرير العقول ونشر الفكر المستنير دون مساس بخصائصنا الحضارية.
وأضافت إن التطور الحاصل في تعليم الفتيات ولئن كان يعد من أهم المكاسب التي تحققت للمرأة العربية خلال العقود الأخيرة وذلك نتيجة للجهود التي بذلتها البلدان العربية في هذا المجال حيث ازداد معدل التحاق البنات بالتعليم، فإن واقع الحال يقول إن سبعين مليون عربي يعانون من الأمية وإن غالبيتهم من النساء وهي نسبة أعلى من متوسط العالم وحتى من متوسط البلدان النامية. كما أن الاحصائيات تشير الى أن حوالي 8 ملايين طفل عربي من بينهم 5 ملايين فتاة لا يزالون خارج المدرسة أي أنهم محرمون من فضائل التعليم ومزاياه.
ولاحظت أن هذه الأرقام تدل على أن جهدا اضافيا مازال مطلوبا وان العالم العربي رغم اهمية ما انجز في المجال مازال عاجزا عن توفير الحد الأدنى من التعليم لأجياله القادمة وفي المقدمة منها أجيال الفتيات والنساء بما أن نسبة الأمية بين الاناث أكثر من ضعفي نسبتها بين الذكور مما يعني ان برامج مكافحة الأمية تتطلب جهدا أكبر ومراجعة لها ولآلياتها لاكسابها مزيدا من الجدوى والفاعلية وان جهدا مازال مطلوبا ايضا في مجال الدراسات والبحوث في قضايا النوع في ميدان التعليم لأن هذا التفاوت يؤشر الى استمرار الخلل في التوازن الاجتماعي.
وأكدت السيدة ليلى بن علي في نفس السياق ضرورة ايلاء عناية خاصة بالمرأة العربية الريفية التي مازالت تعاني من ارتفاع نسبة الأمية في صفوفها قياسا بالوسط الحضري بسبب عوامل عديدة منها سيطرة المفاهيم التقليدية وضعف الخدمات التعليمية في القرى والأرياف.
وقالت إن هذا الواقع لا يحجب حقيقة تطور التحاق الفتيات بالتعليم الابتدائي والثانوي بأكثر من الضعفين في العقود الأخيرة وواقع تسجيل بعض البلاد العربية معدلات التحاق بالمدارس متساوية بين الجنسين او حتى أعلى بالنسبة الى البنات.
وأشارت الى أن الاحصائيات تظهر ارتفاعا هاما في التعليم العالي، اذ فاق عدد الفتيات في بعض البلدان العربية عدد الفتيان في هذه المرحلة التعليمية بما يعني تجاوز البلدان العربية لقضية حق المرأة في التعليم وجعل بالتالي من المطلوب الارتقاء بنوعية ذاك التعليم بما يستجيب للحاجات التعليمية المتجددة للمرأة العربية ويمنحها مستلزمات مواكبة ما يحصل في العالم من تطور تكنولوجي وعلمي ويمكنها من اقتحام مجالات وتخصصات مازال حضورها فيها دون المأمول مثل الدراسات التقنية والعلمية والتخصصات الصناعية والتكوين المهني حتى يمكن للمرأة ان تندمج في سوق العمل وتلبية احتياجاتها الجديدة ويكرس قبول المجتمعات العربية لأدوار غير تقليدية لها .
وأعربت عن الاعتقاد بأن تحقيق مجمل هذه الاهداف يستدعي تطوير صورة المرأة في المناهج الدراسية والقضاء على المفهوم النمطي السائد عن دور المرأة وتغيير النظرة لها في الكتب المدرسية لنقطع نهائيا مع كل ما يكرس التمييز بين الجنسين وحتى لا يبقى التعليم احد صور ذاك التمييز.
وقالت إن التأكيد على هذه المعاني والابعاد يستمد مفرداته من التجربة التونسية التي يستأثر فيها قطاع التربية بإحاطة متميزة ايمانا من القيادات التونسية منذ فجر الاستقلال بدوره الحيوي في اعداد الاجيال وتكريس مجتمع الحداثة والتقدم انطلاقا من الاعتقاد بأن الموارد البشرية هي ثروة تونس الاساسية ورصيدها الاهم في النهوض بالمجتمع والنهوض بالبلاد.
ولاحظت رئيسة منظمة المرأة العربية ان التعليم كان الاداة المثلى لبناء الإنسان وبناء تونس الحديثة إذ سجلت مختلف مؤشرات المنظومة التربوية في العقدين الاخيرين قفزة نوعية جعلتها تضاهي المعايير والمواصفات العالمية، مبينة ان وظيفة المدرسة التونسية لم تقتصر على تلقين المعارف وإنما شكلت الى جانب ذلك فضاء للتربية وترسيخ روح المواطنة وتجذير القيم الاخلاقية والاجتماعية والمدنية .
وبينت أن بلوغ نسبة تمدرس الذين هم في سن السادسة بما يفوق الـ 99 بالمائة انما يعود لتكريس المساواة بين الجنسين ازاء حق التعليم، بل ان البلاد تسجل اليوم تفوق عدد الفتيات على الفتيان الكبار وهو ما يساهم في تقليص نسبة أمية المرأة في الوسط الريفي على وجه الخصوص وبشكل محسوس.
وأوضحت أن التجربة التونسية تقيم الدليل على ان التعليم يعد بحق بوابة تطور المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا مشيرة الى ان ما تورده تقارير التنمية البشرية الدولية والعربية يؤكد بوضوح الحاجة الى مضاعفة الجهد من أجل مزيد تحسين أوضاع المرأة في التعليم وبالتالي الارتقاء بمكانتها الى سائر المجالات.
وقالت السيدة ليلى بن علي إن منظمة المرأة العربية تعتبر ان امتلاك ناصية المعارف والعلوم ومواكبة ما يستجد فيها وتوظيف هذه المعارف في التنمية الشاملة والمستدامة في البلدان العربية وتحقيق رقيها ورفاهها، من وظائفها الحضارية والاستراتيجية التي يجب ان تحتل موقعا متقدما في برامجها وانشطتها الراهنة والمستقبلية.
وأكدت إدراك المنظمة ايضا ان لها دورا رياديا وطلائعيا وفاعلا في التصدي لظاهرة أمية المرأة وفي المساعدة على مواجهة هذا التحدي، كما تدرك دورها في معاضدة جهود البلدان العربية في هذا المجال، مبينة ان المنظمة ستدفع باتجاه تفعيل كل البرامج والخطط التي وضعتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /الالكسو/ من أجل ترسيخ حق المرأة في التعليم ورفع أميتها باعتبار ذلك المدخل الأساسي لتنمية الموارد البشرية العربية.
وقالت السيدة ليلى بن علي في ختام هذه الافتتاحية إن من أوكد مهمات منظمة المرأة العربية الإسهام في جعل التربية والتعليم الأداة الفضلى لتطوير أدوار المرأة العربية ودمجها في مسيرة مجتمعها نحو النمو والرقي الحضاري.